Menu

المراهنات عبر الإنترنيت في المغرب.. واقع متجذر تعززه الشبكة العنكبوتية

Morocco_flag-button-round-250قد يدعي الكثيرون عدم اهتمامهم بالمراهنات هنا وهناك، وقد يجادل البعض بعدم جدواها أساسا، وقد يذهب البعض الآخر أبعد من ذلك فيفتي بتحريمها مفتخرا بكونه لم يقترب من هذا الفعل مطلقا في حياته. لكن المتأمل بعمقٍ لأحوال الناس وعاداتهم، يجد أن المراهنات جزء لا يتجزأ من حياتهم بغض النظر عن جنسياتهم وقناعاتهم ومذاهبهم.

ففي المغرب مثلا، ورغم التقييدات التي تفرض على المراهنات بسبب الدين تارة والقوانين الحكومية تارة أخرى، نجد الظاهرة متغلغلة في ثقافة المغاربة ومتجذرة في حياتهم اليومية. وهكذا، نجد على سبيل المثال، أنه عندما يختلف مغربيان حول موضوع معين مُهِمًّا كان أو تافها، يراهن أحدهما الآخر ويتحداه مقابل مبلغ مالي أو متاع، يدفعه المتحدي إن كان مخطئا، أو يدفعه له قرينه إن كان مصيبا، ويكون الفوز من نصيب الذي يعرف الإجابة الصحيحة عن علم تارة وبضربة حظ تارة أخرى.

وقبل ظهور التطور التكنولوجي الهائل الذي يعرفه عالم اليوم ومعه المغرب طبعا، كانت مظاهر المراهنات عند المغاربة، تتجلى أساسا في لعب الورق والبيلياردو، داخل المقاهي، وفي تنظيم دوريات لكرة القدم في الأحياء السكنية والمؤسسات التعليمية وغيرها. وهي مسابقات رياضية قائمة على الدفع المسبق لمبلغ مالي من طرف كل المشاركين، يفوز به في النهاية أولئك الذين ينجحون في إدارة اللعبة بشكل جيد، عن علم تارة وعن حظ تارة أخرى. وموازاة مع نفس المنافسات، يحدث أن يخوض المتفرجون على قلتهم، مراهنات جانبية حول نتائج المباريات التي يقفون غير بعيد لمشاهدتها بالعين المجردة.

ومع تيسير الولوج لشبكة الإنترنيت واقتحامها لبيوت الناس، وبسبب الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية الهشة في غالب الأحيان، أضحى إقبال المغاربة على أسواق المراهنات أكثر تنظيما وفي تزايد مستمر. ومما ساعد على هذا الانتشار كذلك، شغف المغاربة بكرة القدم وبسباقات الخيل، إذ يلقى هذا النوع من المسابقات شعبية كبيرة في المقاهي والمطاعم الشعبية والحانات عبر مختلف مناطق البلاد، خاصة في المدن الكبيرة كالدار البيضاء وطنجة ومراكش وأكادير.

فبالموازاة مع مباريات البطولة المغربية لكرة القدم “البطولة برو”، والبطولة الإسبانية لكرة القدم “ليغا” والدوري الإنجليزي ‘البريمييرليغ” والدوري الألماني “بونديسليغا” مثلا، يقبل المغاربة شبابا وشيابا على المراهنات بشتى أنواعها، خاصة تلك التي تتعلق بتخمين نتائج هذه المباريات عبر شبكة الإنترنيت، وكلهم أمل في الفوز بمبالغ مالية تعينهم على مواجهة مصاريف الحياة وتكاليف العيش الكريم. ومن أبرز المواقع الإلكترونية التي تقدم خدماتها في هذا الإطار بالمغرب، موقع Totofoot، ومنصة Cote & foot ، و موقع 1xBet ومنصة 22Bet وغيرها.

وعلى عكس الكثير من الدول العربية، تتميز سوق المراهنات على الانترنيت في المغرب بقيود جد مخففة، إذ لا يتعرض المراهنون لأي نوع من المضايقات طالما حرصوا على عدم إثارة الفوضى أو أذية الغير. والأكثر من ذلك، أن الإعلانات الخاصة بمواقع المراهنات على الإنترنيت حاضرة بشكل دائم في الإعلام المغربي المرئي والمسموع والمكتوب. والأكثر من ذلك، أن الحكومة رخصت منذ سنة 2009 لمؤسسة اليانصيب الوطني المعروفة باسم “المغربية للألعاب والرياضة”، وأوكلت لها مهمة السهر على إنصاف وأمان الألعاب المقترحة؛ والوقاية من السلوكات غير المرغوب فيها لدى المشاركين، وإنعاش اللعب المسؤول.

وعلى غرار باقي دول العالم، تقوم المواقع والشركات المتخصصة في المراهنات عبر الإنترنيت في المغرب، بوضع عدد من الشروط قبل قبول المشاركين. ومن ذلك، عدم قبول القاصرين الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، واشتراط التحلي بشروط اللعب المسؤول، والالتزام بالتحكم في عادات اللعب وغيرها. ومع أن القيود الحكومية في المغرب ليست مشددة بشكل كبير فيما يتعلق بالتعاطي مع المراهنات، إلا أن بعض المواطنين يفضلون المراهنة عبر الانترنيت باستخدام VPN خاص لحجب مواقعهم وكسب المزيد من الخصوصية.

وبناء على ما سبق، يتضح أن سوق المراهنات عبر الإنترنيت في المغرب في اتساع مطرد نتيجة للقيود الحكومية المخففة من جهة، ولسهولة الولوج إليها من جهة أخرى، دون إغفال الميزات التي تحققها، سواء على مستوى الكسب المادي الذي يناله المحظوظون أو على مستوى المتعة والاسترخاء الذي يكسبه عشاق المراهنات والتحديات.